ممارسات محاكم التفتيش الإسبانية بعد سقوط غرناطة (في عهد الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا) ((897هــ ـ 922ه/ 1492ـ 1526م))

المؤلفون

  • أ. عائشة المبروك معمر قسم التاريخ والآثار/كلية الآداب/ جامعة سرت

DOI:

https://doi.org/10.37375/abhat.vi15.502

الملخص

يتطرق هذا البحث إلي  محاكم التفتيش الإسبانية، التي وجهت نشاطها ضد المسلمين واليهود وبعض الطوائف الأخرى ،وقد كانت هذه الآلة موجهة في الأساس ضد كل من يقف في وجه الكنيسة الكاثوليكية ،التي وصفتهم بالمهرطقين ،بإنزال أقصى العقوبات من حرق وقتل وتشريد ،خاصة وأن هذه المؤسسة الاستبدادية تلقت الدعم الكامل من قبل الملكين الكاثوليكيين (فرديناند وايزابيلا) ،بغرض إعادة توحيد إسبانيا دينياّ وسياسياّ، حيث أخذا بنصيحة رجال الكنيسة ،التي وضعت خطة لإبادة المسلمين المتبقين بالبلاد بشكل جماعي، على الرغم من قسوة قوانين الاضطهاد التي طبقتها الكنيسة الكاثوليكية ضدهم، بغرض تصفيتهم من خلال محاكم التفتيش ،ثم التنكيل والتعذيب حيث تعرضوا لأقصى أنواع الظلم والقهر، لقد كانت دوافع الملكين الكاثوليكيين في تأسيس محاكم التفتيش واضحة ،وفي مقدمتها الرغبة في تحقيق وحدة قومية أداتها الكنيسة، وإقامة حكم مطلق عد فيه العرب المسلمون واليهود خارجين عن الكنيسة ،وبالتالي عن الوطن لذا يجب ايقاع أقصى العقوبات بهم، تمهيداّ لإجبارهم على الدخول المسيحية أو إخراجهم ،استكمالا لوحدة إسبانيا الدينية الكاثوليكية.

تناول هذا البحث النظام الإداري لمحاكم  التفتيش، وفروعه وأهم الشخصيات الرئيسية، التي تبوأت منصب المفتش العام ،وأهم الواجبات والامتيازات التي تمتعوا بها ،والتنويه إلى الإجراءات المتبعة في عمليات القبض وإصدار الأحكام، والأساليب والممارسات التي تم تطبيقها للوصول إلى الاعترافات التي تريدها المحكمة.

لقد ظهر نشاط تلك المحاكم بعد سقوط غرناطة (897هـ/1492م)، وبالتحديد ظهر ذلك النشاط جلياّ وواضحاّ بعد سبع سنوات ونيًف من معاهدة  تسليم غرناطة الشهيرة ،تلك المعاهدة التي تضمنت ما يقارب 65مادة  ضمنت الكفالة التامة للمسلمين ،في حرية معتقدهم وأعراضهم ومساكنهم وأموالهم ودور عبادتهم ولغتهم وانظمتهم وعاداتهم، ولكن الحقيقة الأخرى كان هناك اختبار لصبر المسلمين ،الذين لم يتوقعوا حجم الكارثة التي ستحل عليهم وبعد أن أطمأن الإسبان لأمان المسلمين ،بينما كانت الحقيقة هي تجريد المسلمين من سلاحهم ، حتى يضمنوا عدم اصطدامهم بالسلطة الجديدة ،والتي كانت تخطط لتوحيد إسبانيا دينياّ وسياسياّ بأي ثمن، وبالتالي توجيه آلة محاكم التفتيش ضدهم ،والتي عملت على إجبار المسلمين على أمرين أحلاهما مر وهو إما التنصير الإجباري أو التهجير القسري ،وتم ذلك بقوة السلاح والتهديد والوعيد ،بعد أن استنفدت وسائل الإقناع بالتبشير الذي لم ينجرّ إليه أغلب المسلمين ،و بالتالي تحضير المسلمين لما هو أخطر من ذلك وهو القتل والحرق ،لكل من يخالف الانصياع لأوامر الكنيسة، وأداتها القمعية الممثلة في محاكم التفتيش، فعملت على الإساءة للمسلمين ،ولدينهم وانتهاك حرماتهم وتشريدهم وحرق إرثهم الحضاري والفكري، وطمس صرحهم المعماري ،وهذا ما أدى إلى سخط المسلمين واصطدامهم وبالتالي الثورة ،ضد كل الإجراءات التي مورست بحقهم ،والوقوف ضد السلطات الإسبانية وكل من يدور في فلكها.

    كان إكراه أهالي غرناطة علي التنصير، ذريعة لإقامة فرع لديوان التحقيق أو التفتيش، حيث كانت تمارس عملها ضد من تشك في صحة اعتناقه للدين الجديد في قرطبة حتى سنة(922ه/1526م)، ثم بعد ذلك تأسست في غرناطة محكمة خاصة بها، ذلك ان بعد سقوطها أكره العرب المسلمون على التنصير، وتمت معاقبة كل من تشك السلطات الإسبانية في دينه، فسخرت محاكم التفتيش والتي كان مصدرها من قرطبة، إذ ان هذه المحاكم عملت على ممارستها الاضطهاد والظلم، قبل أن يتم تشكيل فرع لديوان مجمع قضاه الإيمان الكاثوليكي، ومشكلة غرناطة كانت أخطر وأعسر، وكانت تحتاج إلى أقصى ما يمكن من حسن السياسة والتبصر، حتى يمكن التوفيق بين السلامة السياسية للدولة، ووحدة الإيمان المطلوبة، وهذا يتطلب أن يعالج الموقف بالحنكة والدراية وحسن التصرف لا بالتخبط الإرهاب ،وكان سكان غرناطة قد أعفوا من سلطان محاكم التفتيش أربعين سنة، وكان المرجو من هذا الإعفاء مع المعاملة الحسنة وعدم استعمال الشدة ،أن يقبل السكان من تلقاء أنفسهم على اعتناق الدين المسيحي ،إلا أن قلوبهم تغيرت ونفرت نفوسهم بسبب مساوئ وأطماع القضاة وتسلط موظفي القضاة ووقاحتهم،لا فرق في ذلك بين الموظفين المدنيين منهم والكهنوتيين.

التنزيلات

منشور

01/07/2023

كيفية الاقتباس

أ. عائشة المبروك معمر. (2023). ممارسات محاكم التفتيش الإسبانية بعد سقوط غرناطة (في عهد الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا) ((897هــ ـ 922ه/ 1492ـ 1526م)). مجـــــــلـــة أبحـــــاث, (15), 254–223. https://doi.org/10.37375/abhat.vi15.502